كي تكون مبتهجآ بالحيآه ، مطمئن الخآطر !!

{ ليحزن الذين آمنوا }
إذا تأملت هذه الآية وجدت أن من أعظم مقاصد الشيطان إدخال الحزن على المؤمن ، وأدركت أن من أعظم مقاصد الشريعة إسعاد المؤمن ، وطرد الحزن عنه .
قال الله عز وجل { إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا وليس بضارهم شيئًا إلا بإذن الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون } وفي هذا إشارة إلى أن الشيطان لا يقف ولا يُقصر عن محاولة تكدير صفو المؤمن، وإزعاجه في كل حال ؛ فتراه يذكره بما يسوؤه ، ويمنيه بالأماني الباطلة التى تجلب له الشقاء .
وتراه يُخْطِر بباله الذكريات الأليمة و الاحتمالات السيئة ، والخيالات المثبطة عن العمل .
فإذا استجاب الإنسان لذلك ؛ فصار يستدعي تلك الخواطر ، ويجتر تلك المآسي ، ويسترسل مع الاحتمالات الرديئة ، والظنون السيئة عاش في ألم ، وضيق وحَصْر ، وصار ييأكل بعضه بعضا ، ويعذب نفسه بنفسه .
أما إذا قطع تلك الواردات ، ودرأها عن نفسه ما استطاع ، واشتغل بما يعنيه ، ونظر إلى الجوانب المشرقة في الحياة ، وفي سيرته ، واستعاذ من الشيطان ووساوسه كبُُرت نفسه ، وعلت همته ، وزاد نشاطه وإقباله ، وانشرح صدره ، وعظم إنتاجه ...
فالآيه تشير إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يكون مشرق النفس، مبتهجًا بالحياة ، مطمئن الخاطر ، بعيدًا عن كل ما يكدر عليه صفوه ؛ فذلك ممايبعثه إلى قوة الإقبال على الله ، والحرص على ما ينفعه في أمور دينه ودنياه ؛ ذلك أن المبتهج بالحياة يزيده ابتهاجه قوة إلى قوة ، فيكون أقدر على الجد ، وحسن الإنتاج ، ومقابلة الصعاب من الرجل المنقبض الصدر ، الممتلئ بالهم والغم ...



من كتاب ارتسامات تأليف د. محمد الحمد